الأربعاء 22 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رمضان أهل مكة.. غير تماماً

رمضان أهل مكة.. غير تماماً
20 مايو 2019 03:22

الرياض – عمار يوسف

يتميز الشهر الكريم بحلاوته وجماله في جميع أصقاع العالم الإسلامي، بينما تتجلى روعته وتميزه في مهبط الوحي، أم القرى مكة المكرمة، التي تختلف فيها ليالي الشهر الفضيل عن مثيلاتها في كل مدن العالم، لما تحمله من طقوس خاصة مرتبطة بالبيت الحرام وعادات توارثها المكيون، منذ قديم الأزل داخل حواريهم وأزقتهم وأسواقهم، وفي طريقة لهو الأطفال وعادات الباعة في عرض بضائعهم.
ويحرص العديد من المكيين على الإفطار في المسجد الحرام وساحاته الخارجية، إلا أنهم بدأوا يتراجعون عن التمسك بهذه العادة لتخفيف الزحام على المعتمرين وضيوف الرحمن القادمين من مختلف بلاد العالم، فلحظة الإفطار في الحرم لها روعتها وجلالها في نفسية الصائم، وهو يستقبل الكعبة المشرفة، ويسترجع لحظات تتجلى فيها روعة الإسلام، وحول الحرم يتذكر المرء أن الأرض التي يمشي عليها، كانت هي نفسها الأرض التي مشى عليها سيد الخلق النبي محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته والخلفاء الراشدين من بعد.
ويتذكر المكيون وكل من يجول في الساحات الداخلية أو الخارجية للحرم أنه يمشي بقدميه على خطى النبي الكريم، ويمشي على أرض شهدت ميلاد الإسلام وانتشاره، وشهدت أحداثاً تاريخية شكلت العالم فيما بعد وحتى اليوم، بل وإلى قيام الساعة.
ويستقبل أهل مكة شهر رمضان بالاحتفال بـ«يوم الشعبنة» وهو اليوم الأخير من شهر شعبان، حيث يتفق الأقارب من أسرة واحدة على الخروج إلى أحد المتنزهات أو الاستراحات، ويجتمعون ليوم كامل وليلته ويقيمون وليمة دسمة، ويتسامرون حتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالي الأول من رمضان، والشعبنة تسمى في بعض دول الخليج بـ «القريش» وقيل إنها تصغير لكلمة «القرش»، وذلك دلالة على صغر الوجبة أو قيمتها المادية، والمثل الشعبي عند أهل الخليج (اليوم القريش، كبر الكريش).
ولا تقتصر عادة الشعبنة فقط على الأسر، بل حتى الشباب والأصدقاء يقدمون على هذا التقليد الاجتماعي، فيحجزون الاستراحات ليقضوا فيها الليلة، التي تسبق رمضان، ومن أهم ما يميز هذه العادة الاجتماعية الحجازية أن جميع تكاليفها توزع على كل من يشارك فيها، فيتم تقسيم المبلغ بالتساوي بينهم بما يسمى «القطة»، بفتح القاف - مما يجعل الأمر ميسور للجميع.
ومن أروع مظاهر رمضان في مكة المكرمة مظهر المتجولين من الباعة والمشترين في سوق الصغير وأحياء: المعلاة، وجرول وسوق الليل، والشامية، وبقية أسواق مكة وشوارعها تجد بائع السمبوسك بجوار بائع المشروبات المثلجة من (السوبيا والزبيب) بجوار بائع الفاكهة، كل منهم يتغزل في بضاعته، وكل منهم له طريقته الخاصة في مدحها، وكل منهم له أسلوبه الخاص في إقناع المشترين بطريقته.
ويقول الباحث السعودي، عبد الرحمن الخطيب، إن معظم المكيين باتوا يتحسرون الآن على العادات التي اندثرت، حيث يقول أحدهم: «أشياء كثيرة اندثرت، مثل: تبادل الأطباق الرمضانية بين الجيران، هذا الجار يرسل سمبوسة، وهذا يردّ له كنافة، وهذا يرسل قطايف، وهذا يردّ له غربالية، والذي لم يطبخ هذا اليوم يرد سكراً في الصحن فما يرده فارغاً، أما الأكلات المحببة في رمضان فكانت: السمبوسة، الكنافة، الغربالية، الشوربة، الجبنية، العيش باللحم، المهلبية، الساقودانة، الألماسية، شراب قمر الدين وشراب اللوز والليمون.
أما الباحث المكي الراحل محمد عبده يماني، رحمه الله، فقد قال ذات مرة: إن من عادات المكيين في رمضان خروج شباب الحارة، ومن يسمي بالمطاليق لتعد جلسات وحلقات المزمار في كل حارة، وقد يدعو أهل أي حارة أبناء حارة أخرى للعب معهم. وللعبة المزمار أصولها وقوانينها، وإذا حصل خلل قد يؤدي إلى (مقاشعة) أي خصام، فيتعين حينئذ دخول العقلاء لإيقاف خصام الشباب.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©